مقدمة عن الوراثة
يعتقد العلماء و الأطباء ان الأورام تحدث نتيجة لعوامل بيئية مع وجود استعداد وراثي لدى الشخص .و يعتقد البعض الاخر انها تحدث بمحض الصدفة و الحظ نتيجة لخطأ غير مقصود في داخل الخلية عندما تنقسم انقساماتها المعهودة بشكل يومي.
مهما كانت الأسباب الحقيقية فهي أمور تحدث بمشيئة الله وبتقديره و ان كان لكل شيء قانون و مسببات و لكن قد نجهل الكثير منها حاليا.
يعتقد الأطباء ان الخلية السرطانية تبدأ بخلل في مادتها الوراثية (الدي أن أي) والتي يتبعها تغيرات كثيرة بداخل الخلية تخرج خلالها من السيطرة وتبدأ بالتكاثر والنمو بشكل غير منتظم وبدون توقف.
في كل خلية من خلايا جسمنا -عدى خلايا الدم الحمراء-نواة يتم حفظ قطع صغيره على شكل عصيات تسمى بالكروموسومات والتي عددها 46 كرموسوم مرتبه على شكل ازواج ومرقمه من واحد الى 23. نحن نرث من والدينا هذه الكروموسومات فنصفها يأتي عبر الحيوان المنوي من الأب والنصف الاخر يأتي لنا عبر البويضة من الأم حيث ان الخلايا الجنسية فيها نصف عدد الكروموسومات.
هذه الكروموسومات عبارة عن شريط طويل مجدول من الحمض النووي المسمى بالدي أن أي (DNA) على طول هذا الشريط مقاطع محدده تسمى بالجينات. وهذه الجينات هي التي تتحكم بعد الله في انقسام وتكاثر الخلية ،و أيضا في جميع وظائفها الأخرى. يوجد ما يقارب من 20 الف جين موزعه على طول هذه الكروموسومات . هذه الجينات عبارة عن شفرة طويلة من الحمض النووي تم صناعتها من اربع احرف فقط ( تسمى بالقواعد النيتروجينية) مكرره ومرتبه بشكل محكم . تسلسل هذه القواعد النيتروجينية ثابت في كل البشر و كل جين لديه ترتيب خاص مختلف عن الجين الاخر. تقوم الخلية بقراءة هذه الشفرة حيث تقوم بقراءة كل ثلاث أحرف مع بعض لكي تنتج ما يسمى بالأحماض النيتروجينية و التي هي الوحدة الأساسية التي يبني بها الجسم البروتينات المختلفة. هذه البروتينات هي التي تتحكم بوظيفه الخلية فمنها يُصنع الانزيمات المختلفة و منها يبنى الجسم العضلات و الأعضاء الحيوية من الجسم.
لم يكتشف العلماء بعد كل تفاصيل التحكم بهذه الجينات و كيف تعمل و كيف تتوقف مؤقتا عن العمل .الامر معقد جدا حيث يوجد جينات تتحكم في جينات أخرى و هناك بعض الاحماض النووية أيضا تتحكم في الجينات، ناهيك عن البروتينات نفسها تتحكم في الجينات التي صنعت منها!
هذه الجينات قد تصاب بعطب. و الاعطاب في الجينات مختلفة و متنوعة . يسمي العلماء عطب الجيب طفرة .فالطفرة هي تغير في تسلسل الجين قد يؤثر على عمله و وظيفته فقد يشل عمله بالكامل او يجعله لا يعمل بشكل كافي او قد يجعله جيناً خارج السيطرة فينتج عنه مواد بروتينية مضره بالخلية وهذا الذي يحدث في الكثير من الخلايا السرطانية.
الطفرات الجسدية والطفرات الجنسية
قد يُخلق الأنسان بجينات سليمة و قد يكتسب مع الوقت طفرات في هذه الجينات، و قد تكون هذه الطفرات في جينات مهمة لانقسام الخلية في احد أعضاء الجسم مثل القولون او الثدي او العظم فيحدث فيها ورم. هذا التغير في الجين حدث في خليه جسدية و ليس في الأعضاء التناسلية مثل المبيض في المرأة و الخصية في الرجل. فلذلك يطلق على هذا التغير في الجين بالطفرة الجسدية.
انواع الطفراتهناك نوعان رئيسيان من الطفرات: – طفرات مكتسبة و تسمى أيضا طفرات جسدية. و هذه هي اكثر الطفرات شيوعاً و التي تسبب الأورام السرطانية هي تحدث خلال عمر الأنسان بسبب تلف للاحد الجينات و هي لا تنتقل من الابوين الى ذريتهم من العوامل التي تسبب حدوث هذا النوع من الطفرات التدخين و الاشعاعات و اشعة الشمس و الفيروسات و غيرها. – طفرات جنسية وتسمى أيضا طفرات وراثية وهي اقل انتشاراً وقد ينقلها الشخص المصاب الى بعض اطفاله عبر النطف. الأورام التي تحدث بسبب هذا النوع من الطفرات تسمى بالأورام الوراثية و هي تحدث في 5 الى 10% من السرطانات بشكل عام. |
كما قد يولد بعض الناس –و هم قله-بخلل في احد الجينات المهمة للنمو و لذلك تجد هذا الخلل الجيني موجود في جميع خلايا الجسم بما فيها الأعضاء التناسلية و لذلك تسمى هذه الطفرة طفرة جينية جنسية فقط لكي يتم التفرقة بها عن الطفرة الجسدية . الطفرة الجسدية عادة لا يتم توارثها من جيل لأخر بينما الطفرة الجنسية تنتقل من جيل الى جيل اخر علماً انها ليست معدية ،بل هي تنتقل من جيل لأخر لأنها موجوده في الحيوانات المنوية او البويضة و الانسان يخلق في الأصل من هذه النطف.
أسباب الطفرات
ان أسباب حدوث طفرات في الجينات غير معروفه . فنحن نعرف ان الحمض النووي الذي يصنع منه الجينات يتم نسخها بشكل متكرر عند انقسام الخلايا بشكل يومي. و هذا النسخ – و ان كانت الخلية لديها نظام تحكم و سيطرة- لتعديل و اصلاح الخطأ في النسخ عبر ما يعرف بجينات اصلاح الطفرات الا انه أحيانا تحدث الطفرة ولا تستطيع الخلية إصلاحها .و اذا لم تمت هذه الخلية فقد ينشأ منها خلية سرطانية لو كان هذا الجين من الجينات السرطانية و التي لها دور في التحكم في انقسام الخلايا .
هناك عوامل بيئية لاحظ الأطباء والعلماء أن لها علاقة في حدوث الطفرات في الخلية كالتدخين و الكحول و الفيروسات و أشعة الشمس و السمنة و التعرض للإشعاعات و التقدم بالعمر و غيرها. و لكن ليس بالضرورة ان تعرض الانسان لأي شيء من هذه سوف يغير في الحمض النوو،ي فقد يتغير تسلسل الحمض النووي تلقائيا لأسباب مجهولة.
مع تقدم الطب استطاع العلماء قراءة تسلسل الجينات و فك الشفرة النووية للخلايا. و قد لاحظ العلماء مؤخرا ان الخلية عندما تفقد السيطرة على انقسامها و يحدث فيها طفره في احد الجينات يتبعه تراكم و خلل كبير في العديد من الجينات و يحدث في هذه الجينات أيضا طفرات! هذا التغير الكبير يعطي ايحاء ان الخلية السرطانية عندما تسيطر و تتحكم في الخلية تبدأ بعمل تغييرات في الجينات و الكروموسومات لكي تزيد من تكاثرها و انتشارها و مع الوقت تتراكم هذه الطفرات في الجينات و الكروموسومات بشكل كبير يصعب على الطبيب التحكم فيها الا بأدوية قوية لإيقاف الانقسامات مثل الادوية الكيمائية او عن طريق ما يعرف بأدوية المناعة كالأجسام المضادة و التي تفتح او تغلق بعض المنافذ على سطح الخلية او بداخلها و التي هي أيضا مصنوعة من البروتينات لكي لا تستخدمها الخلية السرطانية في الانقسام و يتم إيقافها او السيطرة عليها!
التدخلات و العلاجات الاحترازية
تأليف:
عبدالرحمن فايز السويد
استشاري الوراثة الإكلينيكية وطب الأطفال
مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني-الرياض