متلازمة اُوشر
Usher Syndrome
يصيب هذا المرض جميع الشعوب و لكن الدكتور البرشت فون جريفي(. Albrecht Von Graefe) وصفة لأول مرة عام 1858 في بعض اليهود الذين يقطنون عاصمة المانيا برلين.و بعد مضي تقريبا 50 سنة قام طبيب العيون الدكتور شارلز اوشر(Dr. Charles Usher) من انجلترا باكتشاف المرض على انه مرض وراثي ينتقل من الأبوين إلى أولادهم.
و مع مضي الوقت تبين للأطباء أن هذا المرض ينقسم على الأقل إلى 3 أنواع حسب شدة ضعف السمع و التوازن و البصر.فالنوع الأول (USH1) يتميز بصمم شديد عند الولادة مع مشكلة في حفظ التوازن و يبدأ بصرهم يضعف بعد بلوغهم السنة العاشرة من العمر. بينما النوع الثاني (USH2) فيتميز بضعف سمع متوسط الشدة عند الولادة و يبدأ بصرهم بالضعف بعد بلوغهم 20 سنة و لا يعانون من مشاكل في التوازن أطلاقا.أما النوع الثالث (USH3) فيتميز بضعف سمع تدريجي(يضعف السمع مع الوقت) بعد البدء بالكلام و يختلف وقت ظهور ضعف البصر فقد يظهر بعد السنة العاشرة أو العشرين من العمر، كما أنهم في الغالب لا يعانون من مشاكل في الاتزان.و يمثل النوع الأول و الثاني ما نسبة 90-95% من حالات متلازمة اوشر.
و يبدأ ضعف البصر بصعوبة في الإبصار في الليل(العشى الليلي) و خاصة مجال الرؤية الجانبي ثم يمتد إلى أن يشمل مركز البصر في الوسط و ذلك نتيجة لضمور الخلايا البصرية في الشبكية.و نظرا لصعوبة معرفة الشخص الذي سوف يصاب بمشكلة في البصر فانه يلزم فحص جميع من لديهم صمم أو ضعف سمع من قبل طبيب العيون للاكتشاف تبرقش الشبكية(Retinitis Pigmentosa) مع إجراء تخطيط للعصب البصري(VER) و تخطيط للشبكية(ERG ). و إعادتها في بعد عدة سنوات بشكل دوري خاصة في الأسر التي لديها تاريخ مرضي يؤشر إلى إصابة البصر مع الصمم.كما يجرى اختبار للتوازن Electronystagmography
التاريخ مرضي يؤشر إلى إصابة البصر مع الصمم.كما يجرى اختبار للتوازن Electronystagmography
ماهي المتلازمة
تعتبر كلمة متلازمة(Syndrome) من الكلمات التي يستخدمها اطباء الوراثة بشكل كبير. و هي رديفه لكلمة مرض او حالة. فمثلا يمكن ان يطلق على متلازمة اوشر مرض او شر او حالة اوشر.و في الاصل فان كلمة متلازمة مأخوذة من كلمة “شيء يلزم شيء” !. حيث إذا و جد مثلا ارتخاء في العضلات و أشباه مميزة في الوجه فانه “يلزم” أن يوجد عيب خلقي في القلب و “يلزم” أن يكون هناك تخلف عقلي.و المتلازمات كثيرة جدا و لا يربطها سوى المسمى فقط . و تسمى المتلازمات في العادة على اسم الطبيب او الأطباء الذين اكتشفوها أو نشروا عنها في المجلات الطبية و ذلك لان هذه المتلازمات لم تعرف أسبابها و لا منشئها عندما اكتشفت.
و حيث أن مشكلة التوازن قد تكون شديدة في النوع الأول فان المصابين بهذا المرض يتأخرون في الجلوس و المشي حيث انه يندر أن يمشوا قبل إكمالهم 18 شهر من العمر.
كما يكون الصمم من النوع الشديد في النوع الأول و في العادة لا يستفيدون من سماعة الأذن و في النهاية يستخدمون لغة الإشارة للتخاطب و يحتاجوا أن يكونوا في فصول دراسية معدة لمن لديهم صمم.
بينما النوع الثاني فان شدة الصمم تتراوح بين المتوسط و الشديد فقد يستفيدوا من السماعة و في العادة يدرسوا في فصول عادية.و في العادة لا يصاب من لديهم هذا النوع بضعف في البصر و لكن قد يلاحظوا بقع سوداء(blind spots) بعد سن البلوغ .
و كما ذكرنا فالنوع الثالث فان السمع يضعف تدريجيا مع العمر و تتفاوت مشكلات التوازن.و عند الولادة يكون السمع طبيعي و لكن يبدأ ملاحظة ضعف السمع عند البلوغ تقريبا و يفقدوا سمعهم في متوسط العمر تقريبا و كذلك الحال بنسبة لمشكلة الإبصار فتظهر تقريبا عن سن البلوغ عن طريق بقع السوداء و تدرج إلى العمى عن منتصف العمر.و لكن هناك تفاوت كبير بين وقت ظهور الصمم و مشاكل البصر و التوازن بين أفراد الأسرة الواحدة..
و متلازمة اوشر بأنواعها الثلاثة مرض وراثي. حيث ينتقل بالوراثة المتنحية، حيث يكون الأب و الأم ناقلين(حاملين) للمرض و يصيب 25% من أولادهم. و لمزيد من المعلومات راجع صفحة الوراثة المتنحية.
و هذا المرض ناتج عن خلل في الجينات. و لقد اكتشف إلى الآن 7 جينات مسبب لهذا المرض. 5 جينات للنوع الأول من متلازمة اوشر( MY07A, USH1C, CDH23, PCDH15,SANS ) و واحد للنوع الثاني(USH2A) و أخر للنوع الثالث(USH3A).و يتوقع أن هناك جينات إضافية(تزيد عن 5جينات) لم يتم اكتشافها إلى الآن و لكن يتوقع أن تكتشف في القريب العاجل.
و بينما عالميا تمثل متلازمة اوشر 5% إلى 10% من مجموع من لديهم صمم منذ الولادة إلا أننا نتوقع أن هذه النسبة أعلى في الشعوب العربية نتيجة لارتفاع زواج الأقارب.
و مع أن هذا المرض ليس له علاج شافي في الوقت الحالي إلا انه من المهم اكتشافها في وقت مبكر قبل الإصابة بالعمى . حيث يمكن في ذلك الوقت تدريب من لديه قابلية أن يصاب بالعمى لا قد الله على طرق التواصل و التخاطب بالمس و الاستدلال الحركي(orientation and mobility training) لكي يتأقلم و يتعود على الحركة مع ضعف البصر و الصمم . و التدريب على العيش من دون الاعتماد على الغير(independent-living training).و توفير الأجهزة المساندة للسمع(Assistive Listening Devices). كذلك مساعدته في أن يختار الدراسة التي تناسبه و التي على ضوئها يستطيع أن يختار العمل المناسب(career counseling) ولا يشترط أبصار و سمع قوي.كما قد ينصح بإجراء زراعة للقوقعة لهذه الفئة للتقليل وجود إعاقتين بصرية و سمعية.
و مع أن معظم من لديهم هذه المتلازمة لا يعانون من مشاكل عقلية إلا أن نسبة قليلة منهم لديه صعوبات تعلم أو تأخر عقلي بسيط أو توحد و هؤلاء يحتاجون لرعاية دقيقة لكي يتجاوزوا هذه المشكلات و ذلك بإعداد برنامج تدريبي لتأهيلهم و تعليمهم.
تأليف : الدكتور عبدالرحمن السويد
استشاري الأمراض الوراثية و طب الأطفال